الدكروري يكتب عن الزواج والطلاق والحرية” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الزواج والطلاق والحرية” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع الزواج والطلاق والحرية، وإن من مقاصد الزواج في الإسلام إعفاف الإنسان نفسه، وإرواء الغريزة بالطريق المشروع، فإن هذه الغريزة أعني الرغبة في النكاح غريزة في النفوس البشرية، لا يستطيع الإنسان مقاومتها والتغلب عليها، إلا بالطريق الشرعي، فالزواج هو السبب في وإرواء الغريزة بالطريق المشروع، أما كبتها فيسبب القلق، والإسلام لم يأتي ليلغي تلك الغريزة، جاء لينظمها ويسلك بها الطريق المشروع، فلهذا حث على النكاح ورغب فيه، ومن المقاصد أيضا حماية الإسلام، المجتمع أفراد وجماعة من الآثار المدمرة بالامتناع عن الزواج لحصول العنوسة في النساء أولا، ثم إن الزاهد عن الزواج لا بد أن يقضي غريزته بالطرق المذمومة فيحصل انتشار الزنا والفساد وانحلال القيم والفضائل، وإن من الأحكام التي جاء بها الإسلام.
هو نظر الخاطب لمخطوبته ونظرها إليه، فقد دعا الإسلام إلى نظر كل من الخاطبين للآخر، فإن العين سفير القلب، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” وكذلك أيضا اللقاء من غير خلوة، وإن اللقاء بين الخاطبين مهم في معرفة كل منهما صاحبه عن قرب، فيسمع صوته ولغته وحضوره وغير ذلك مما يحدد ميول الإنسان أو رغبته في شريك حياته، ويحصل هذا إما بطريق رسمي في بيت أبيها بوجود محرم لها، أو بطريق غير رسمي كحال الزملاء في العمل أو الجامعة فيكوّن كل منها فكرة عن شريكه بطريق غير مباشر، ولا مانع من ذلك شرعا، وإنما المحرم هو الخلوة بينهما أو الخضوع بالقول أوالتطرق لما يخل بالآداب، واللقاء مهم في اتفاقهما، فهو معتبر لإتمام العقد.
حيث يقول تعالي في سورة البقرة ” فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف” والنهي عن العضل في الأية متوجه للأولياء وللأزواج السابقين، فلا يصح للزوج السابق أن يقف بطريق زواجها من غيره بسبب غيرته أو كيده بها، كما لا يصح لأوليائها منعها من الزواج ممن رضيت به إن لم يكن به ما يعيب، وفي الآية أرجع الله تعالى التراضي إلى الخاطبين وعبّر عنهما بالزوجين باعتبار ما سيكون ، والتراضي يحصل بما يراه كل منهما مناسبا في صاحبه، من حيث المظهر والمخبر وغير ذلك، وكل ذلك منضبط بقوله تعالى “بالمعروف” والمعروف ما عرف بالشرع أو بالطبع حسنه وما تصالح عليه أهل الزمان بما يوافق الشرع ولا يخالفه، إذ ليس للعادة المخالفة للشرع أي اعتبار، وأما معرفة الأفكار والثقافة والأخلاق، فأفضل ما يكون بسؤال أهل الثقة والخبرة.
فتعرف الفتاة بسؤال من يعرفونها عن قرب، كما تعرف بأمها وأخواتها غالبا، وكذلك الرجل فيُعرف بسؤال معارفه الثقات وجيرانه فهم أدرى الناس به، وقد يتعذر على الخاطبين معرفة ذلك بنفسيهما لما يتحلى به كل منهما من شمائل حسنة عند اللقاء، كما أن طول فترة الخطبة وما يتبعه من لقاءت متكررة بحجة التعارف قد يسيء إلى الخاطبين وإلى الفتاة خاصة، وخصوصا في مجتمعات لا يرغب الرجال في الزواج ممن كانت مخطوبة لشخص آخر وعرف ذلك عنهما، لذلك لا بد من مراعاة كل ذلك، وإن من الأخلاق السيئة التي ابتلي بها المجتمع هو حصول العنوسة في النساء كثيرا، أوزهُد بعض الشباب عن الزواج، فالعنوسة في النسوة أو زهد الشباب في الزواج مشكلة خطيرة واجب المسلمين علاجها بالطرق المشروعة، لأن المجتمع المسلم وحدة متكاملة.
لا بد أن يعين بعضه بعضا، والمؤمنون كما قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعض بعضا وشبك بين أصابعه” وقال “مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى من عضو تدعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” فالمشاكل الاجتماعية حلها بتوفيق من الله بتعاون الكل على قدر كل من استطاعته، فهذا هو السبيل لذلك، وإذا تأمل المسلم هذه العنوسة، وسمع تلك التقارير التي تعلن عن كثرة العنوسة مع غض النظر عن هذه التقارير هل هي صحيحة كاملة أو مبالغ فيها المهم أنها منذر شر وبلاء ومصيبة، وإذا نظر المسلم إلى أسباب تلك العنوسة، ربما يتوسل إلا أن وسائلها هو امتناع بعض الفتيات عن الزواج، بأي سبب بدعوى إكمال مراحل التعليم كلها من أولها إلى آخرها، فتظن بعض الفتيات أن زواجها يعيقها عن التعليم.