الدكروري يكتب عن مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع مخاطر الطلاق والإنفصال، وكذلك فإن من أسباب حصول الطلاق الخطأ الفادح في اختيار الزوج لزوجته واختيار الزوجة لزوجها, فالزوج قد يبحث عن الجمال أو المال أو الحسب والنسب ولا يأخذ في كامل اعتباراته صلاح المرأة وتقواها لربها واستقامتها على دينها, وقد حرّص الشارع الحكيم على حسن اختيار الزوج لزوجته لتدوم العشرة وتبقى المودة , وإن ولي المرأة أو المرأة قد يبحثون عن الزوج الغني أو صاحب المنصب ويتغافلون عن دينه وأخلاقه التي تعينه على أن يكون زوجا ناجحا في قيادته لأسرته وقوامته عليهم وهنا أيضا وجه الشارع الحكيم بأن على ولي المرأة والمرأة أن يقبلوا بالزوج المتدين صاحب الأخلاق الكريمة, ومن أسباب حصول الطلاق الغضب وهو الشر المتكرر من كثير من الأزواج.
الذين لا يضبطون أعصابهم ولا يتحكمون في تصرفاتهم ولا يزنون كلماتهم, فتجد أحدهم من أدنى زلة أو أصغر خطأ من زوجته يرعد ويزبد ويجلجل ويولول ثم يدوّي أسماع أفراد أسرته بالطلاق, فإذا حُلّ من عقَال الغضب وانفك من حالته تلك وعاد إلى عقله تألم وتحسّر وضاع وضاعت زوجته وذريته وبدأ يبحث عن حل للعودة أو فتوى للرجوع وقد لا ينفع الندم ولا يكون الرجوع, فاحذروا معاشر الأزواج من الغضب, وأكثروا من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, وإذا كرهت أيها الزوج من زوجتك شيئا فاعلم أن هناك فيها من الحسنات والإيجابيات الشيء الذي لا يخفى عليك لو أنك سعيت في اكتشافه والتركيز عليه، وإن من أسباب حصول الطلاق أيضا هو تهاون الأزواج في مسألة الحقوق المتبادلة بينهم فالزوج مثلا كثير الانشغال عن بيته.
ودائم البعد عن زوجته وذريته, متعجرف في تعامله معهم, متكبر عن تواصله معهم, فلا رحمة ولا ملاطفة ولا مداعبة ولا مساهمة, فيكسر قلب زوجته بقسوته وجموده, ويولد الكراهية في قلوب أبناءه بتعاليه وصدوده, كل ذلك لمّا ضيّع حقوقهم وأهان وجودهم وهمّش كياناتهم, والزوجة أيضا قد تضيّع حقوق زوجها عليها بتخليها عن دورها الهام داخل البيت فلا رعاية للزوج ولا اهتمام بالبيت والأولاد , بل قد تتمرد بعصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته, وقد تخل في ما حمّلها الله من أمانة ومسؤولية, فيقول صلى الله عليه وسلم ” المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها” وإن من أسباب حصول الطلاق أيضا هو دخول طرف ثالث بين الزوجين بهدف الإفساد بينهما, وهنا لابد على الزوجين أن لا يقيما أحدا لوجود مشكلة بينهما.
مهما كان قبل أن يعرفا مقصده أو يقيما ذو علم وخبرة وصلاح ليعالج ما أشكل بينهما، فيا أيها الزوج الذي يريد أن يطلق زوجته كيف هي حياتك بعدها ؟ وكيف سيكون أبناءك وبناتك ؟ وإلى أي مآل ستتجه حياتك واهتماماتك ؟ فالله الله في الحكمة والصبر, والتدرج في معالجة الأمور فقد قال تعالى ” واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا” واحذر من الغفلة والغضب التي توردك موارد الندم والحسرة، ويا أيتها الزوجة التي تريد الطلاق استشعري ما هو حالك بعد أن تفقدي نعمة الزوج, سيئول للعنوسة والوحدة والانطواء فقد لا يقدر الله لك زواجا آخرا, واصبري على علات زوجك واحتسبي الأجر على ذلك, وانظري إلى مواطن الإيجابية فيه.
واحذري أن تطلبي منه الطلاق من غير سبب واضح فذلك ذنب عظيم وعقوبته عظيمة، فإن كلمة طالق يطلقها الزوج ظنا منه أنه بتلك الكلمة قد أنهى ساعات من الحياة التعيسة وما يدري ذلك المسكين أنه قد أطلق ثلاث رصاصات على سعادته وسعادة أبنائه وزوجته وعلى الاستقرار الاجتماعي في بلده، وقد تكون الزوجة هي التي دفعته لذلك دفعا فبعض الزوجات تمسك بخناق زوجها وتشدد عليه في طلب الطلاق وتتحدى رجولته فتقول له إن كنت رجلا فطلقني الآن ثم إذا وقع الطلاق تقشعت تلك الحجب التي وضعها الشيطان على عقل الزوجة والزوج وأحيانا حتى على عقل من دفعهما إلى ارتكاب تلك الحماقة من والدين أو أقرباء أو أصدقاء، فإذا بالأبناء يعيشون ممزقين بين أبوين منفصلين وإذا بالمرأة تجلس تتجرع مرارة لقب مطلقة في المجتمع.