الدكروري يكتب عن مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع مخاطر الطلاق والإنفصال، ولقد كثر الطلاق اليوم حينما استخف الأزواج بالحقوق والواجبات، وضيّعوا الأمانات والمسؤوليات، وسهر إلى ساعات متأخرة، وضياع لحقوق الزوجات، والأبناء والبنات، يُضحك الغريب ويُبكي القريب، يُؤنس الغريب ويُوحش الحبيب، ولقد كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجا يغفر الزلة، ويستر العورة والهنة، حينما فقدنا زوجا يخاف الله، ويتقي الله، ويرعى حدود الله، ويحفظ العهود والأيام التي خلت، والذكريات الجميلة التي مضت، ويجب علينا أن نعلم بأن علاقة الرجل بالمرأة آية من آيات الله تعالى، وإذا كان كلاهما من نفس واحدة فلا بد أن يبحث الرجل عمن يكمله من النساء، وكذلك المرأة تفعل حتى تجد من يكملها من الرجال، إذ لا يكتمل أيهما إلا بوجود صاحبه، وقد اعتبر القرآن الكريم.
أن هذا الإرتباط الفطري بين الرجل والمرأة هو من آيات الله في الخلق والإبداع، فبهذا الرباط تستمر الحياة ويجد الإنسان سكينته وطمأنينته في هذه الحياة، ويوجه الله تعالى الأنظار إلى عظيم صنعه وفائق قدرته، وقد ذكر أنّه خلق الزوجين من نفس واحدة أي من جنس واحد، حيث يحتفظ كل جنس من هذه الأجناس الموجودة في هذا الكون على خصائصه وميزاته فلا يختلط في الأجناس الأخرى، فيقول سبحانه وتعالي في سورة الشوري ” فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير” ويتبين من خلال تلك الآيات أن ارتباط الرجل بالمرأة عن طريق الزواج المشروع هو مما تدعو إليه الفطرة، ولا يمكن أن نتصور استمرارية الحياة بدونه، فإذا كان الأمر كذلك فهل يكفي الإختيار العشوائي للزوج أو الزوجة ؟
والجواب طبعا لا، وقد أرشد الإسلام إلى الطريق الأمثل في اختيار كلا الزوجين لصاحبه، وقد راعى جميع العوامل التي من شأنها أن تيسر ديمومة الحياة الزوجية، وما يعكسه ذلك من استقرار عاطفي وأمن اجتماعي ورعاية للأولاد، ولقد كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، حينما أصبحت المرأة طليقة اللسان، طليقة العنان، تخرج متى شاءت، وتدخل متى أرادت، خرّاجة ولاجة إلى الأسواق، إلى المنتديات واللقاءات، مضيعة حقوق الأزواج والبنات، يا لها من مصيبة عظيمة، ولقد كثر الطلاق اليوم حينما تدخل الآباء والأمهات في شؤون الأزواج والزوجات الأب يتابع ابنه في كل صغير وكبير، وفي كل جليل وحقير، والأم تتدخل في شؤون بنتها في كل صغير وكبير، وجليل وحقير، حتى ينتهي الأمر إلى الطلاق والفراق.
ألم يعلما أنه مَن أفسد زوجة على زوجها أو أفسد زوجا على زوجته، لعنه الله؟ ولقد كثر الطلاق لما كثرت النعم، وبطر الناس الفضل من الله والكرم، وأصبح الغني ثريا يتزوج اليوم ويطلق في الغد القريب، ولم يعلم أن الله سائله، وأن الله محاسبه، وأن الله موقفه بين يديه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون، ويقول الله تعالى في سورة النساء ” وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما” وقد جاءت هذه الآية بعد الآيات الداعية إلى الإصلاح عند نشوز أحد الزوجين فإن الطلاق لم يشرع إلا بعد محاولات الإصلاح بين الزوجين، عند نشوب الخلافات بينهما إذ إن الأصل في الزواج هو استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين، وإن هناك مجموعة من المعايير التي ينبغي مراعاتها عند اختيار الزوجة، وهذه المعايير ليست مقاسات حديدية كما يفهمها البعض.
فيتحول اختيار الزوجة إلى عبء ثقيل، وأحيانا يترك بعض الشباب البحث عن الزوجة بحجة أنه لم يجد الزوجة المثالية ضمن المعايير الشرعية والإجتماعية، والأصل هو عدم التشدد في الأمر كله، والتيسير ورفع الحرج من مقاصد هذا الدين حيث قال تعالى كما جاء في سورة الحج ” وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل” ولقوله سبحانه وتعالى كما جاء في سورة البقرة ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأنه، فقد رُوى عنه أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وعلى ضوء هذه التوجيهات نفهم مراعاة المعايير عند اختيار الزوجة أو اختيار الزوج، من حيث الدين، وهو المعيار الأهم، ويفهم هذا المعيار من زاويتين، والزاوية الأولى وهو أن الإسلام تقدم بزواج المراة المسلمة على الكتابية.