أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 10″

الدكررورى يكتب عن نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 10″

ونكمل الجزء العاشر مع نبي الله إسحاق عليه السلام، فلما أضاء الفجر قال له الملك ما اسمك؟ قال يعقوب، قال لا ينبغي أن تدعى بعد اليوم إلا إسرائيل، فقال له يعقوب من أنت، وما اسمك؟ فذهب عنه، فعلم أنه ملك من الملائكة، وأصبح يعقوب وهو يعرج من رجله، فلذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النساء، ورفع يعقوب عينيه فإذا أخوه عيصو قد أقبل في أربعمائة راجل، فتقدم أمام أهله فلما رأى أخاه العيص، سجد له سبع مرات، وكانت هذه تحيتهم في ذلك الزمان، وكان مشروعا لهم كما سجدت الملائكة لآدم تحية له، وكما سجد أخوه يوسف وأبواه له، فلما رآه العيص تقدم إليه واحتضنه، وقبله وبكى، ورفع العيص عينيه ونظر إلى النساء والصبيان، فقال من أين لك هؤلاء؟ فقال هؤلاء الذين وهب الله لعبدك، فدنت الأمتان وبنوهما فسجدوا له، ودنت ليا وبنوها فسجدوا له.

ودنت راحيل وابنها يوسف فخرا سجدا له، وعرض عليه أن يقبل هديته وألح عليه فقبلها، ورجع العيص فتقدم أمامه، ولحقه يعقوب بأهله، وما معه من الأنعام، والمواشي، والعبيد قاصدين جبال ساعير، فلما مر بساحور، ابتنى له بيتا ولدوا به ظلالا، ثم مر على أورشليم قرية شخيم، فنزل قبل القرية، واشترى مزرعة شخيم بن جمور بمائة نعجة، فضرب هنالك فسطاطه، وابتنى ثم مذبحا فسماه إيل إله إسرائيل، وأمر الله ببنائه ليستعلن له فيه، وهو بيت المقدس اليوم، الذي جدده بعد ذلك نبى الله سليمان بن داود عليهما السلام، وهو مكان الصخرة التي أعلمها بوضع الدهن عليها قبل ذلك، وقد ذكر أهل الكتاب هنا قصة دينا بنت يعقوب بنت ليا، وما كان من أمرها مع شخيم بن جمور، الذي قهرها على نفسها، وأدخلها منزله، ثم خطبها عن أبيها وأخوتها.

فقال إخوتها إلا أن تختتنوا كلكم فنصاهركم وتصاهرونا، فإنا لا نصاهر قوما غلفا، فأجابوهم إلى ذلك واختتنوا كلهم، فلما كان اليوم الثالث واشتد وجعهم من ألم الختان، مال عليهم بنو يعقوب فقتلوهم عن آخرهم، وقتلوا شخيما وأباه جمور، لقبيح ما صنعوا إليهم، مضافا إلى كفرهم، وما كانوا يعبدونه من أصنامهم، فلهذا قتلهم بنو يعقوب، وأخذوا أموالهم غنيمة، ثم حملت راحيل فولدت غلاما وهو بنيامين، إلا أنها جهدت في طلقها به جهدا شديدا، وماتت عقيبه، فدفنها يعقوب في أفراث، وهي بيت لحم، وصنع يعقوب على قبرها حجرا، وهي الحجارة المعروفة بقبر راحيل إلى اليوم، وكان أولاد يعقوب الذكور اثنى عشر رجلا، فمن زوجته ليا، أولاده روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وايساخر، وزايلون، ومن زوجته راحيل، يوسف، وبنيامين.

ومن أمة راحيل دان، ونفتالي، ومن أمة ليا، حاد، وأشير عليهم السلام، وقد جاء يعقوب إلى أبيه إسحاق، فأقام عنده بقرية حبرون التي في أرض كنعان، حيث كان يسكن نبى الله إبراهيم، ثم مرض إسحاق ومات عن مائة وثمانين سنة، ودفن ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها ودفن فيها السيدة ساره أم نبى الله إسحاق، وتذكر الإسرائيليات أن ذبيح نبى الله ابراهيم عليه السلام هو إسحاق عليه السلام، وليس اسماعيل، وهذا خطأ كبير، لأن الملائكة عندما بشرت نبى الله إبراهيم عليه السلام بإسحاق، بشرته بيعقوب من بعده، ولو كان هو الذبيح كما يقولون لعارض ذلك البشارة التي بشر بها، ولكان هناك تضارب في كلام الله ووعده، تعالى الله عن ذلك، وإن من قصة هذا النبي الكريم إسحاق عليه السلام نتعلم الدروس والعبر.

لأن حياته منذ مولده إلى وفاته فيها من العبرة والعظة ما فيها، ومنها شرف سلسلة نسل إسحاق عليه السلام، فمن سلالته يوسف عليه السلام الذي أوتي شطر الحسن، والناس يدخلون الجنة على صورته، كما أن الله تعالى يمن على العباد الصالحين، فكما منّ على نبى الله زكريا بنبي الله يحيى بعد أن بلغه الكبر، فكذلك سبحانه وتعالى منّ على نبيه الخليل إبراهيم بإسحاق نبيا من الصالحين، بل زاد على ذلك بأن بشره بحفيد نبي وهو يعقوب عليه السلام، وإن خير ما يخلف الإنسان على نفسه وأهله الذرية الصالحة، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” وإن ما يذكر في الإسرائيليات من كون إسحاق الذبيح هو أمر خاطئ، فالذبيح هو إسماعيل عليه السلام.

ابن الخليل إبراهيم عليه السلام من زوجته السيدة هاجر، أما إسحاق عليه السلام فهو أصغر منه ومن زوجته السيدة سارة، وإن ما يذكر من سيرة الأنبياء مما يذكر في الإسرائيليات ينبغي للإنسان أن يحذر في التعامل معه، فقد يؤخذ بعض منها للاستئناس بما لا يخالف ديننا الإسلامي، ولكن لا يجوز الاعتماد عليه كمسلمات في معرفة سيرهم، إذ إن في الكثير منها تقوّلا على الأنبياء الكرام عليهم السلام، أو ذكرهم بسوء، أو مغالطات عليهم أو انتقاص بهم، لذلك وجه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأن يأخذها الإنسان دون تصديق مطلق، والمنهج النبوي في الإسرائيليات بأننا لا نصدقها ولا نكذبها.