أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 5″

الدكررورى يكتب عن نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله إسحاق عليه السلام ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله إسحاق عليه السلام، وقد حملت به أمه ولها من العمر تسعين سنة، وقيل ثمانى وتسعين سنة، وكانت عاقرا، وكان أبوه الخليل إبراهيم شيخا كبيرا ابن مائة سنة، وقيل مائة وعشرين سنه فكان حمل أمه به من المعجزات الإلهية، وقد بشرت الملائكة إبراهيم عليه السلام بابنه إسحاق عليه السلام، فسمعت سارة تلك البشرى لزوجها، فضحكت لتلك البشرى لشيخوخة زوجها ولكونها كانت عاقرة وطاعنة في السن، فردت الملائكة على استغرابها وضحكها، فذكروها بقدرة الله عز وجل، وأمره الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، وقد زعموا أن يعقوب عليه السلام احتال لأخذ النبوة والبركة من أبيه إسحاق عليه السلام لنفسه، فذكروا أن إسحاق عليه السلام لما كبر وكف بصره دعا ابنه عيسو، وهو الأكبر، وحسب التقليد لديهم

فإن البركة تكون للأكبر، وطلب منه أن يصطاد له جديا ويطبخه حتى يباركه، فذهب عيسو للصيد كما أمره أبوه، إلا أن أمهما كانت تحب يعقوب وهو الأصغر أكثر من أخيه عيسو، وأرادت أن تكون البركة له، فدعته وأمرته أن يحضر جديا فيطبخه، وأن يلبس ملابس أخيه، ويضع فوق يديه جلد جدي حتى يبدو جسمه بشعر مثل جسم أخيه عيسو، فيظن إسحاق عليه السلام أنه هو فيباركه، ففعل يعقوب عليه السلام ذلك ثم دخل على أبيه، ففي ذلك قالوا ” فدخل إلى أبيه وقال يا أبي، فقال ها أنذا، من أنت ؟ فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني، قم اجلس وكل من صيدي، لكي تباركني نفسك، فقال إسحاق لابنه ما هذا الذي أسرعت لتجد يا بني ؟ فقال إن الرب إلهك قد يسر لي، فقال إسحاق ليعقوب تقدم لأجسك يا ابني أأنت هو ابني عيسو أم لا ؟

فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه فجسه، وقال الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو، ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه وقال هل أنت هو ابني عيسو ؟ فقال أنا هو، فقال قدّم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي، فقدم له فأكل وأحضر له خمرا فشرب، فقال له إسحاق أبوه، تقدّم وقبّلني يا ابني، فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال انظر رائحة ابني كرائحة حقل، قد باركه الرب، فليعطك الله من ندى السماء، ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة وخمر، ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل، كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك، ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين ” كما ذكر ذلك فى ” سفر التكوين” وفاز يعقوب بالبركة بهذه الحيلة، وبعد أن جاء أخوه عيسو لم يكن أمامه إلا الصراخ والعويل لفوات البركة.

وبهذا الكلام يصمون أباهم يعقوب عليه السلام بالكذب مرارا، وانتحال شخصية أخيه كيدا، وأخذ ما ليس له فيه حق احتيالا، كما يصمون أباهم إسحاق عليه السلام بالجهل الشديد إلى حد التغفيل والغباء حيث لم يستطع أن يميز بين ولديه، وهو أمر مستبعد جدّا أن يقع لأقل الناس إدراكا وأشدهم تغفيلا، فضلا عن نبي الله إسحاق عليه السلام، وهذا كله مما لا يليق وصف الأنبياء عليهم السلام به، كما أن النبوة ليست بيد إسحاق ولا بيد غيره من الأنبياء، بل هي محض تفضل من الله عز وجل، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الزخرف ” أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون ” وكما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام.

” وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله، الله أعلم حيث يجعل رسالته ” ويتجلى في هذه القصة طرف من مكر اليهود وكيدهم، فإذا نظرنا إلى قصة أنبياء الله إسماعيل وإسحاق عليهما السلام نجد أنهم أغفلوا مسألة البكورية في استحقاق البركة، والتي يقصدون بها النبوة، وجعلوا البركة لإسحاق دون إسماعيل عليه السلام، لأن إسماعيل عندهم ابن جارية، ولما صار الأمر متعلقا بعيسو ويعقوب، وعيسو هو الأكبر حسب كلامهم اخترعوا هذه القصة، حتى يبينوا أن يعقوب قد أخذ البركة دون أخيه عيسو، وأيضا تلك البركة التي يزعمون أنها للأكبر لا نراها بَعدُ في نبى آخر من أنبيائهم، حتى أن يعقوب عليه السلام لما بارك أبناءه عند موته جعل البركة العظمى ليوسف عليه السلام، وهو أصغر أبناء يعقوب، ما عدا شقيقه بنيامين فقد كان أصغر منه.