الدكرورى يتكلم عن خلق البعوضة ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
خلق البعوضة ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع خلق البعوضة، وإن في الإشارة الى وجود هذه الكائنات الحية إعجاز فمن كان يتخيل وجود مثل هذه الكائنات الحية في زمن النبي صلي الله عليه وسلم، وكيف يجرؤ أحد على ذلك وهي لا ترى إلا بالمكروسكوب، وإن وجود هذه الكائنات الحية الدقيقة على ظهر البعوضة ليس أمرا مميزا لها، فهناك الكثير من الكائنات التي تشترك في هذا، ولكن في الحقيقة إن البعوضة لا تحمل فقط البكتيريا والفيروسات كباقي الكائنات، فهي تحمل الطفيليات التي هي أرقى رتبة من البكتيريا والفيروسات، وتعد أعقد منها بكثير، حيث يعد البعوض من أشهر الكائنات التي تنقل هذه الطفيليات التي تصيب الإنسان والحيوان، والتي هي وراء العديد من الأوبئة التي فتكت بالملايين على مر التاريخ، ومن منا يصدق أن في خرطوم البعوضة ست سكاكين.
أربعة سكاكين تقطع جلد الذي تلسعه، وسكينان تلتئمان مع بعضهما بعضا فتكونان أنبوبا حاد الأطراف يغرس في جسم الغلام، أربع سكاكين تقطع اللحم بها وأنبوب أساسه، سكينان ملتئمان يغرس في جسم الطفل كي يمتص دمه، لكن بعد أن تطير يذهب التخدير فيشعر باللسعة فيضرب ضربة بلا فائدة تكون قد طارت، معها مواد مخدرة وجهاز رادار أساسه مستقبلات حرارية، وفي خرطومها ست سكاكين أربع لقطع اللحم، واثنتان لتكون أنبوبا لتمتص فيه الدم، ومعها مادة تميع الدم كي يجري في خرطومها الدقيق، ولها مائة عين وثلاثة قلوب، ولكل قلب أذينان وبطينان ودسامات قلب مركزي وقلب لكل جناح، وإذا وقفت بعوضة على يدك تقتلها، ولا تشعر بشيء، وكأن شيئا لم يحدث، لهوانها عليك، لا شأن لها، حتى أن النبي صلي الله عليه وسلم.
قال عن سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضه ما سقي كافرا منها شربة ماء” رواه الترمذى، فإنها بقدرة الله سبحانه وتعالى تشعر عندما تقف على أي جسم بسمكة، وهل هذا الجسم جسم إنسان أو حيوان، وهذه الدابة لها خرطوم تمتص به غذاءها من الدم، وهذا الخرطوم مجوف من الداخل ولم يستطع العالم حتى الآن صنع إبرة خياطة مجوفة بهذا الحجم الدقيق، فسبحان من خلقه بقدرته وعظمته ولعل الغريب في هذا أن الله ذكر هذه الدابة في أول القرآن في سورة البقرة “إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها” فهذه الآيات تدلنا إلى أن جميع مخلوقات الله سبحانه من أصغرها إلى أكبرها هي آية دالة على استحقاق الله عز وجل للعبادة دون سواه، وإن بدت هذه الحشرة تافهة.
فقد أودع الله سبحانه فيها من آياته وقدرته ما تتحير بها العقول، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآيات لا يستحي أن يضرب مثلاً بالبعوضة، التي قد يعتبرها بعض الجهال مخلوقاً تافها، لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلا بها، وذلك ليدلنا على آيات عظمة خلق البعوضة حتى نكتشف بديع صنع الله تبارك وتعالى في البعوض، وهذه البعوضة إذا طارت، سُمع لها طنين، ومعنى الطنين، أن عدد خفقان أجنحتها أربعة آلاف خفقة في الثانية الواحدة، وأن لها ثلاثة قلوب قلب مركزي، وقلب لكل جناح، وأن في أرجلها محاجم، وأن في أرجلها مخالب، فإذا وقفت على سطح خشن تستخدم المخالب، وإذا وقفت على سطح أملس تستخدم، وإن للبعوضة أكثر من مئة عين، وعيون البعوضة بالمجهر المكبر تشبه خلية النحل، وعندها مستقبلات حرارية.
واحد من الألف من درجة الحرارة تتحسسها البعوضة، وترى الشيء الحار بلون آخر، لذلك تتجه إلى جبين الصبي على فراشه دون أن تخطئه بفعل مستقبلات الحرارة التي زودت بها من قبل الله عز وجل، وهذه المستقبلات تميز بين تطور حرارة يقل عن واحد بالألف من درجة الحرارة، وعندي صورة كيف أن البعوضة بهذه المستقبلات ترى الأشياء والألوان خاصة بحسب الحرارة، لذلك عبروا عن هذه الحقيقة بالرادار، تتجه إلى جبين الصبي، فهذه الدابة الصغيرة لا يعلم شأنها وأهميتها إلا الله سبحانه وتعالى، فذكرها في أول القرآن الكريم وكذلك ختم الله سبحانه وتعالى القرآن بما يخص الدواب أكبر دابة وهي الفيل “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل” والعجيب والغريب أن الدابتين لهما خرطوم، ولكن شتان بين خرطوم البعوضة وخرطوم الفيل،
فسبحان من له الحكم والعلم ولا يطلع على علمه أحد، ولقد تبين للناس في العصر الحديث أن هذه البعوضة الصغيرة الحجم لها أهمية كبرى، فقامت الأبحاث والدراسات، فأنشأت المعاهد في أنحاء أوروبا باسم البعوض، لأن هذه الدابة تقتل ملايين الأشخاص سنويا عن طريق انتقال مرض الملاريا، وحمى الضنك وغيرهما، ونذكر موقف البعوضه مع النمرود، حينما سأل النمرود إبراهيم عليه السلام من ربك؟ فأجابه “ربي هو الذي خلق كل شيء وهو الذي يحيي ويميت” فرد عليه النمرود قائلا أنا الذي أحيي وأميت، فرد عليه نبي الله إبراهيم عليه السلام وقال له “إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب” فحينها شعر النمرود بالعجز والذل، وزاد تمردا وطغيانا، إلا أن الله عز وجل حاربه بشيء بسيط جدا وهو البعوض ، حيث أمر الله عز وجل أن تدخل بعوضة من أنفه إلى دماغه، وكان لا يستريح إلا عندما يضربه أحدهم على رأسه بالنعال، واستمر على هذا الحال حتى توفى .