أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

سيد الشهداء الحسين بن علي ” جزء 3″ 

الدكرورى يكتب عن سيد الشهداء الحسين بن علي ” جزء 3″ 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

سيد الشهداء الحسين بن علي ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع سيد الشهداء الحسين بن علي، فقد جاء ابن عباس إلى الحسين بن علي فقال له يابن عم، إني أتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصونا وشعابا ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس في معزل، واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب، فقال الحسين بن علي يابن عم، والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير، فقال له فإن كنت ولا بد سائرا فلا تسر بأولادك ونسائك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان بن عفان ونساؤه وولده ينظرون إليه، وأما ابن الزبير، فقد تعجب من مسير الحسين بن علي، إلى أهل العراق.

وهو يعلم علم اليقين أنهم قتلوا أباه وطعنوا أخاه، فقال له أين تذهب، إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟ فقال لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إليَّ من أن تستحل بي وهو يعني مكة المكرمة، أما يزيد بن معاوية فقد كتب إلى ابن زياد قائلا “قد بلغني أن الحسين قد توجّه إلى نحو العراق، فضع المراصد والمسالح واحترس، واحبس على الظنة، وخذ على التهمة، غير أن لا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إليَّ في كل ما يحدث من خبر، والسلام” وهذا القول واضح وظاهر في أن لا يقتل عبيدُ الله الحسين وأصحابه إلا إذا قاتلوه، وأثناء سير الحسين في طريقه إلى العراق بلغه خبر مقتل ابن عمه مسلم، فأثناه ذلك، واعتزم العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم قالوا “والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل” فقال “لا خير في الحياة بعدكم”

وعندما أشرف الحسين بن علي على العراق، رأى طليعة لابن زياد، فلما رأى ذلك رفع يديه فقال “اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثقة وعُدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك، رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية” وكان قوام هذه الطليعة ألف فارس بقيادة الحر بن يزيد التميمي، فقال لهم الحسين رضى الله عنه أيها الناس، إنها معذرة إلى الله وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أنِ اقدم علينا، فليس لنا إمام، لعل الله أن يجعلنا بكم على الهدى، فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا.

وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه، فلم يجيبوه بشيء في ذلك، ثم قال له الحر إنا أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد، فقال الحسين الموت أدنى إليك من ذلك، ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا، فمنعهم الحر من ذلك، حتى أتى الجيش الذي أرسله عبيد الله بن زياد وعدته أربعة آلاف فارس، والتقوا في كربلاء جنوبي بغداد، وعندما التقوا خيَرهم الحسين بين ثلاث فقال “إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور” وكان أمير الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص، وعندما سمع عمر بن سعد كلام الحسين استحسنه، وأرسل إلى ابن زياد بذلك يحسن له أن يختار أحد الاقتراحات الثلاثة، وكاد عبيد الله أن يقبل لولا أن شمر بن ذي الجوشن.

وهو من الطغاة أصحاب الفتن، وقال له “لئن رحل من بلادك، ولم يضع يده في يدكم، ليكونن أولى بالقوة والعز، ولتكونن أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فإنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة، وإن غفرت كان ذلك لك” وقد استثار شمر بكلامه هذا ابن زياد، فوافق على كلام شمر، وأرسله ومعه كتاب إلى عمر بن سعد بأن يقاتل الحسين إذا لم يستسلم، وإذا لم يُرد عمر أن يقاتله، فليتنحي عن إمرة الجيش وليسلمها إلى شمر، وعندما ورد شمر على عمر بن سعد بن أبي وقاص وأفهمه رسالته، خاف عمر على نفسه من ابن زياد، ولم يقبل بأن يتنحى لشمر، واستمر قائدا للجيش، فطلب إلى الحسين تسليم نفسه، لكن الحسين لم يفعل ونشب القتال، ويجب أن نلحظ هنا أن الحسين لم يبدأ بالقتال.