الدكرورى يكتب عن العلوم الروحانية ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
العلوم الروحانية ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع العلوم الروحانية، وقد اختلف العلماء في حكم تعليق التمائم، فبعضهم وهو القول الأضعف أباح التمائم، ولكن الراجح هو التحريم، فلا يجوز أن يتخذ الإنسان حجابا أو تميمة من الآيات أو من غير الآيات أو وضع طلاسم أو أسماء غير مفهومة، وهذا كله محرم عند غالب العلماء، وهذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف “من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له” وعن عمران بن حصين رضي الله عنه إن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال ما هذا؟ فقال من الواهنة ويعنى ذلك أنه علقتها من أجل الواهنة فقال صلى الله عليه وسلم له انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا.
فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا” وإن أصل كلمة روح هو يعبّر عن جوهر حيوي يبعث الحياة في الإنسان والحيوان، وكما يشتق مصطلح روحاني، ويعني ما يتعلق بالروح، وقد انتشر بعد ذلك هذا مصطلح في العصور الحديثة لتقاليد دينية أخرى، وتوسع ليشير إلى مجال أكبر من الخبرات، بما يتضمن التقاليد الباطنية والدينية، وتميل استخداماته الحديثة للدلالة على تجربة شخصية ذات بُعد مقدس، وعلى القيم والمعاني العميقة التي يعيش بموجبها البشر، وذلك ضمن سياق منفصل عن المؤسسات الدينية المنظمة غالبا، كالإيمان بعالم خارق للطبيعة، أو السمو الذاتي، أو البحث عن معنى مقدس أو مطلق، أو التجربة الدينية، أو لقاء البعد الداخلي للذات.
وإنه لم يتم الإجماع على تعريف وحيد للروحانية، فتظهر المسوحات، كالمستخدمة في البحث العلمي التخصصي، مجالا واسعا من التعاريف بتراكبية محدودة، فقد نتج عن مسح لمراجعات متعلقة بالروحانية، سبعة وعشرين تعريفا واضحا لم يكن الاتفاق عليهم كبيرا، ويعيق ذلك الدراسة المنهجية للروحانية والقدرة على ربط النتائج للوصول إلى معنى، علاوة على ذلك، لا تقتصر العديد من السمات الصميمية للروحانية عليها فقط، ويتجلى المعنى التقليدي للروحانية بعملية إعادة تكوين دينية تهدف لاستعادة الهيئة الأصلية للإنسان، وقد بدأت الكلمات التي يمكن ترجمتها للروحانية بالظهور في القرن الخامس الميلادي، وأصبحت شائعة الاستخدام قرابة نهايات العصور الوسطى.
وقد تغير هذا المعنى في القرن الحادي عشر، عندما أخذت الروحانية تشير للجوانب الفكرية في الحياة، مقابل الجوانب المادية والحسية، وفى النهاية عن ابن عربي أنه قال ” من أراد أن لا يضل فلا يرم ميزان الشريعة من يده طرفة عين بل يستصحبها ليلا ونهارا عند كل قول وفعل واعتقاد ” فإن هذه الحياة دار سعي وعمل، وإن الآخرة دار حساب وجزاء، وإن يوم القيامة هو يوم العدل المطلق، فيه توفى الحقوق وتسترد المظالم، فإذا كان الإنسان في هذه الحياة يسعى ليجمع ثروة من المال يعيش بها في هناءة وسعادة، وتغنيه عن الحاجة للعباد، فإن طالب النجاة يوم القيامة أولى أن يسعى ليجمع ثروة من الحسنات ينال بها سعادة الآخرة، ويفوز بها بالجنة “في مقعد صدق عند مليك مقتدر”
ولئن كان الإنسان في الدنيا يبذل جهده ليحمي ماله ويحفظ نفسه من الفلس، فإن طالب النجاة أولى أن يحمي حسناته من الضياع يوم القيامة وألا يكون من المفلسين يوم الدين، ولنا الوقفة مع شخصية الإنسان المسلم، فهى شخصية كما أرادها دينه أن تكون، فكيف يكون المسلم مع ربه؟ وكيف يكون مع نفسه؟ وكيف يكون مع والديه؟ وكيف يكون مع زوجته وأولاده؟ وكيف يكون مع أقاربه وذوي رحمه وجيرانه؟ وكيف يكون مع مجتمعه؟ نقف وإياكم وقفات سريعة عاجلة، لعل الله أن ينفع بها، فإن المتأمل في حال كثير من المسلمين ليتأسف كثيرا، ويدهش ويصاب بالأسى والحزن، فيا للأسف، فإن حالنا اليوم إفراط وتفريط وضرر وإضرار إلا من رحم الله.