الدكرورى يكتب عن العلوم الروحانية ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
العلوم الروحانية ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع العلوم الروحانية، وهكذا فإن الدارس لسيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يستقرأ أبعادا روحانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت نفس النبي صلى الله عليه وسلم باقة من الفضائل، والمثل الرفيعة، والقيم الصالحة، وإن الهدف من التربية الروحية في الإسلام أو تزكية النفس، أو السير إلى الله سبحانه وتعالى، وهو الإنتقال من نفس مضطربة إلى نفس مطمئنة، ومن عقل شارد، إلى عقل عارف بالله تعالى، وإن أول مظاهر التربية الروحية عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هي قوة يقينه بالله تعالى، ولقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لشتى من المواقف الصعبة، وبخاصة أثناء هجرته من مكة إلى المدينة.
عندما وقف المشركون على باب الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، وسمع أبو بكر الصديق أصواتهم فأقبل عليه الهم والخوف، فعند ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تحزن إن الله معنا” فكانت شدة صلته صلى الله عليه وسلم بالله تعالى، وقوة معنوياته الروحانية تسليةً لضغوطه النفسية، وتخفيفا لهمومه الإجتماعية، وبذلك كانت العناية الإلاهية ترعاه صلى الله عليه وسلم في باطنه وظاهره، وتزوده بقوة وجدانية خارقة، فكانت نفسه صلى الله عليه وسلم بذلك غنية، وقد تعرض عليه الدنيا من قبل سفير قريش عتبة بن ربيعة، فيرفضها صلى الله عليه وسلم رفضا، ويعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الفراغ الروحي لا يملؤه المال، ولا السلطة.
ولا المكانة، ولا المتعة، إن الفراغ الروحي لا يملؤه إلا عبادة الله تعالى، وهذا ما يعبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة الغنى بقوله صلى الله عليه وسلم ” ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس” رواه البخارى، ولكن يعرف العلاج الروحاني على أنه حالة من الحالات التي تتعرض إليها روح الفرد فتؤثر على حالتِه الصحية، وهو علم متعلق بالكائنات الروحية التي ليس لها وجود مادي، فهي مجرد فرضيات غير مرئية ولا ملموسة، ويقترب علم العلاج الروحاني بالشكل العام من علم النفس، بيد أن علم النفس أصبح مع تطوره في الفترة الأخيرة علما ملموسا له نتائج مرئية وموجودة، ويقال أيضا إن عالم الروحانيات يتعلق بعالم الجن، والتعامل مع الجن.
فيقال فلان من الناس معه روحاني، وإن العلاج الروحاني وفقا لما يشرحه العلماء هو شيء من معاملة الجن، وشيء من طلب المساعدة من القرين، والقرين هو الجني الخاص بالإنسان، ومن هنا يمكن القول إن معاملة الجان من قبل الإنسان أمر خطير جدا، وشكل من أشكال الفساد العظيم، وهو من أعظم الأشياء التي تجلب الضرر والشرور على الناس، وإن معاملة الجن سبب رئيسى من أسباب دخول الشرك بين الناس وانتشاره، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الخطر العظيم، وقد جاء في السنة النبوية الشريفة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث القدسى يقول الله تعالى”إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا”
ويجب أن نعلم إن الجن كالإنس فيهم الكافرون والمؤمنون، ولكن لله تعالى حكمة كبيرة في إخفائهم عن البشر، لذلك لا تجوز معاملتهم، ولا مشاكلتهم ويحرم النظر إليهم، وقد جاء قوله تعالى في سورة الجن ” وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا” ومن هنا جاءت حرمة العلاج الروحاني الذي يستعمل فيه الناس الجن، وإنما في هذا دفع للفتنة والمفسدة، وتحقيق للفطرة الإنسانية السليمة، وكذلك أيضا يعد تعليق التمائم من المسائل التي يقي الناس بها أنفسهم من المرض أو العين بحسب اعتقادهم، وهي تتقاطع إلى حد ما مع العلاج الروحانى فكلاهما فيه من الأشياء الروحانية المعنوية غير الملموسة، وقد اختلف العلماء في حكم تعليق التمائم.