الدكرورى يكتب عن العلوم الروحانية ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
العلوم الروحانية ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع العلوم الروحانية، فالتوكل هو ثقة القلب بالله تعالى، وقال الجنيد البغدادي رضي الله عنه ” التوكل هو ترك الاعتماد الحقيقي على غير الله، فمن توكل على الله تجنب أن يلجأ إلى ما حرم الله من العمل بالسحر وإتيان العرافين والمنجمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أتى كاهنا أو عرّافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ” رواه الحاكم، فالكاهن هو من يتعاطى الإخبار عما يقع في المستقبل كالذين لهم أصحاب من الجن يأتونهم بالأخبار فيعتمدون على أخبارهم فيحدثون الناس بأنه سيحصل كذا، والعراف هو من يتحدث عن الماضي من المسروق ونحوه، فمن ذهب إلى عرّاف أو كاهن واعتقد أنه يطلع على الغيب فقد كفر بالله ورسوله.
لأنه لا يعلم الغيب أحد إلا الله، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النمل ” قل لا يعلم من فى السماوات والأرض الغيب إلا الله ” وليس المراد من يظن أنه قد يوافق الواقع وقد لا يوافق الواقع فإنه لا يكفر بل يكون عاصيا بسؤاله إياهم، وليعلم أن من الجن أحيانا من يسترقون السمع من الملائكة الموكلين بإنزال المطر وهم في الغمام، حيث يصعد الجن إلى مكان قريب من هذا الغمام والملائكة يتحدثون فيما بينهم بما يصير هذا العام في أرض كذا ومن الحوادث كذا وكذا كموت شخص أو ولادة مولود أو أن يتولى شخص الرئاسة أو أن يعزل عن الرئاسة ونحو ذلك مما أطلع الله تعالى الملائكة عليه لأن الله يطلع الملائكة والأنبياء والأولياء على شىء من الغيب ولا يطلعهم على الغيب كله.
فبعد أن يسترق هؤلاء الجن السمع من الملائكة ينزلون على الأرض ويخبرون هؤلاء الذين لهم معهم صحبة من البشر، فالحذر الحذر من هؤلاء الذين يدعون تحضير الأرواح وهو في الواقع تحضير للجن، فأرواح الأتقياء لا يحبون أن يرجعوا إلى الدنيا ولو ملكوا الدنيا وما فيها، وأرواح الكفار تحت ملائكة العذاب ولا يستطيع هؤلاء الدجاجلة أن يسحبوا روح الكافر من ملائكة العذاب إنما الذين يحضرون إلى مجلس هؤلاء هم الجن الذين كانوا يعرفون حال هذا الشخص وعاشوا معه إما قرينه أو واحد ءاخر يعرف أحواله يكذب فيقول أنا روح فلان والعياذ بالله تعالى، ولا يدخل فيمن ذكرنا من يردد آية بعدد معين لمقصد حسن فإن هذا قد يحضره ملائكة الرحمة ببركة هذه الآية.
وأما من كان غرضه الدنيا فهذا لا يحضر إليه ملائكة الرحمة، وإن أغلب هؤلاء الذين يقولون عن أنفسهم إنهم روحانيون هم يعملون مع الجن لكنهم لا يقولون للناس نحن نعمل مع الجن لأنهم إن قالوا ذلك للناس فالناس لا يعتقدونهم، أما إن قالوا روحاني، الناس يقصدونهم، وفي البدء أحيانا الجن يظهرون أنهم قائمون بالشريعة ثم يدخلون أشياء مخالفة للشريعة، وقيل أنه كان هناك رجل يقول إني روحاني أي معي ملائكة ثم الناس يطلبونه لمريض أو غير ذلك، فيأتي بعد المغرب ثم الناس يحضرون إليه، ثم بعد برهة يطفئ الضوء فيحسون بحركات ويسلمون على الحاضرين ولا يقولون نحن جن وإنما يقولون روحاني ثم يتكلمون فيقولون هذا المريض مرضه كذا ودواؤه كذا.
وذات مرة عندما حضروا قالوا أي الجن بعض الناس يسيئون الظن بنا يقولون نحن جن، نحن لسنا جن، نحن الملك بلا أب ولا أم، ثم فضحه الله تعالى لأنه هو اعترف فقال ءامر ابني ميمون بكذا، وقد فضحه الله تعالى، لأنه من المعلوم أن الملائكة لا يتناكحون فهم ليسوا ذكورا ولا إناثا إنـما أجسام نورانية لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وإن دراسة للوقائع الإسلامية في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكشف أن الروحانيات كانت ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملاته اليومية، في رخائه وشدته، في يسره وعسره، فكان صلى الله عليه وسلم يضمد بذلك جراح نفسه، ويجبر انكسار قلبه.