أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

مقتل عثمان بن عفان “جزء 6”

الدكرورى يكتب مقتل عثمان بن عفان “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مقتل عثمان بن عفان “جزء 6”

ونكمل الجزء السادس مع مقتل عثمان بن عفان، فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم، ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة، ويقال بل ندب الناس إليهم فانتدب علي، رضي الله عنه، لذلك فبعثه وخرج معه جماعة الأشراف وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر، فقال علي لعمار فأبى عمار أن يخرج معه، فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم، فأبى عمار كل الإباء، وامتنع أشد الامتناع، وكان متغضبا على عثمان بسبب تأديبه له على أمر، وضربه إياه في ذلك، وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب، فأدبهما عثمان، فتآمر عمار عليه لذلك، وجعل يحرض الناس عليه، فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه عليه، فلم يقلع عنه.

ولم يرجع ولم ينزع، فانطلق علي بن أبي طالب إليهم وهم بالجحفة، وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره، فردهم وأنبهم وشتمهم، فرجعوا على أنفسهم بالملامة، وقالوا هذا الذي تحاربون الأمير بسببه، وتحتجون عليه به، ويقال إنه ناظرهم في عثمان، وسألهم ماذا ينقمون عليه ؟ فذكروا أشياء، منها أنه حمى الحمى، وأنه حرق المصاحف، وأنه أتم الصلاة، وأنه ولى الأحداث الولايات، وترك الصحابة الأكابر، وأعطى بني أمية أكثر من الناس، فأجاب الإمام علي عن ذلك فقال أما الحمى فإنما حماه لإبل الصدقة لتسمن، ولم يحمه لإبله ولا لغنمه، وقد حماه عمر من قبله، وأما المصاحف فإنما حرق ما وقع فيه اختلاف، وأبقى لهم المتفق عليه، كما ثبت في العرضة الأخيرة، وأما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تأهل بها ونوى الإقامة فأتمها.

وأما توليته الأحداث فلم يولي إلا رجلا سويا عدلا، وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عتاب بن أسيد على مكة وهو ابن عشرين سنة، وولى أسامة بن زيد بن حارثة وطعن الناس في إمارته فقال إنه لخليق للإمارة، وأما إيثاره قومه بني أمية، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤثر قريشا على الناس، ووالله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بني أمية إليها، ويقال إنهم عتبوا عليه في عمار ومحمد بن أبي بكر، فذكر عثمان عذره في ذلك، وأنه أقام فيهما ما كان يجب عليهما، وعتبوا عليه في إيوائه الحكم بن أبي العاص، وقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الطائف فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قد نفاه إلى الطائف ثم رده، ثم نفاه إليها، قال فقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رده

وروي أن عثمان خطب الناس بهذا كله بمحضر من الصحابة، وجعل يستشهد بهم فيشهدون له فيما فيه شهادة له، ويروى أنهم بعثوا طائفة منهم فشهدوا خطبة عثمان هذه، فلما تمهدت الأعذار وانزاحت عللهم ولم يبق لهم شبهة أشار جماعة من الصحابة على عثمان بتأديبهم، فصفح عنهم وتركهم، رضي الله عنه، وردهم إلى قومهم، فرجعوا خائبين من حيث أتوا ولم ينالوا شيئا مما كانوا أملوا وراموا، ورجع علي إلى عثمان فأخبره برجوعهم عنه وسماعهم منه، وأشار على عثمان أن يخطب الناس خطبة يعتذر إليهم فيها مما كان وقع من الأثرة لبعض أقاربه، ويشهدهم عليه بأنه قد تاب من ذلك، وأناب إلى الاستمرار على ما كان عليه من سيرة الشيخين قبله، وأنه لا يحيد عنها كما كان الأمر أولا في مدة ست سنين الأول، فاستمع عثمان هذه النصيحة.

وقابلها بالسمع والطاعة، ولما كان يوم الجمعة وخطب الناس، رفع يديه في أثناء الخطبة وقال اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، اللهم إني أول تائب مما كان مني، وأرسل عينيه بالبكاء فبكى المسلمون أجمعون وحصل للناس رقة شديدة على إمامهم، وأشهد عثمان الناس على نفسه بذلك، وأنه قد لزم ما كان عليه الشيخان أبو بكر وعمر ، رضي الله عنهما، وأنه قد سبل بابه لمن أراد الدخول عليه، لا يمنع أحدا من ذلك، ونزل فصلى بالناس، ثم دخل منزله وجعل من أراد الدخول على أمير المؤمنين لحاجة أو مسألة أو سؤال، لا يمنع أحد من ذلك مدة .