الدكرورى يكتب مقتل عثمان بن عفان “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مقتل عثمان بن عفان “جزء 5”
ونكمل الجزء الخامس مع مقتل عثمان بن عفان، وعندما وصل الخبر الى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، خبر قتل عثمان رضي الله عنه، ووصله القميص، وأصابع وكف السيدة نائلة، وقالت له السيدة نائلة رضي الله عنها في الرسالة، التي بعثت بها إليه إنك ولي عثمان، لأنه من بني أمية، فلم يبايع معاوية رضي الله عنه عليا رضي الله عنه، واشترط أن يأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه، وأن يقتص من قاتليه، وأن من لم يفعل ذلك، فقد عطل كتاب الله، ولا تجوز ولايته، فكان هذا اجتهاده رضي الله عنه، ووافقه على هذا الاجتهاد مجموعة من كبار الصحابة، منهم قاضي قضاة الشام أبو الدرداء رضي الله عنه، وعبادة بن الصامت وغيرهما، فكانت هذه نهاية عثمان بن عفان، رضى الله عنه، الذى قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصه بالسفارة إلى قريش يوم الحديبية.
ولما حضرت بيعة الرضوان جعل صلى الله عليه وسلم نفسه نائبا في البيعة عن عثمان، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم، وهذا هو عثمان الذى قام بتوسعة المسجد بعد أن اشترى المنازل المحيطة به وضمها إليه، وكما زاد في مسجد المدينة ووسعه وبناه بالحجارة المنقوشة، وهذا هو عثمان بن عفان، رضى الله عنه، الذى قيل عنه، أن المسلمين لم يعرفوا الغزو بحرا إلا في عهده، بعد أن أقيم أول أسطول إٍسلامي للمسلمين في مصر والشام، وفتحت في عهده بعض جزر البحر المتوسط التي كانت تتحكم في تجارة البحر، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأول جيش يركب البحر، وبالطبع شمل الدعاء من أرسل هذا الجيش، لأنه صاحب الفضل في إرساله، ولكن بقي أن نقول لماذا قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان؟
وهو أن السبب الذى أدى إلى مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه، وما أدراكم من هو عثمان، فقد قتل عثمان بن عفان كما قتل الخلفاء الراشدين من قبله، وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان سبب ذلك أن الخوارج من المصريين كانوا محصورين من عمرو بن العاص، وكانوا مقهورين معه لا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير، فما زالوا يعملون عليه حتى شكوه إلى الخليفة عثمان بن عفان لينزعه عنهم ويولي عليهم من هو ألين منه، فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة، وولى على الحرب والخراج عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما، حتى كان بينهما كلام قبيح، فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر.
خراجها وحربها وصلاتها، وبعث إلى عمرو يقول له لا خير لك في المقام عند من يكرهك، فاقدم إلي، فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم، وشر كبير، فكلمه فيما كان من أمره بنفس، وتقاولا في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص بأبيه على أبي عثمان، وأنه كان أعز منه، فقال له عثمان دع هذا فإنه من أمر الجاهلية، وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان بن عفان، وكان بمصر جماعة يبغضون عثمان ويتكلمون فيه بكلام قبيح على عثمان رضى الله عنه، وينقمون عليه في عزله جماعة من علية الصحابة، وتوليته من دونهم أو من لا يصلح عندهم للولاية، وكره أهل مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد عمرو بن العاص، واشتغل عبد الله بن سعد عنهم بقتال أهل المغرب وفتحه بلاد البربر والأندلس وإفريقية.
ونشأ بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه، وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر الصديق، ومحمد بن أبي حذيفة، حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب، لينكروا على عثمان، فساروا إليها تحت أربع رفاق، وأمر الجميع إلى أبي عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التجيبي، وسودان بن حمران السكوني، وأقبل معهم محمد بن أبي بكر الصديق، وأقام بمصر محمد بن أبي حذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلاء، وكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلاء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين، فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم، ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة.