أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

عثمان بن عفان “جزء 1”

الدكرورى يكتب مقتل عثمان بن عفان “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عثمان بن عفان “جزء 1”

الصحابي الجليل والخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقد تزوج ببنتين من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه لا يعرف أحد تزوج ببنتي نبي غيره، ولذلك سمي ذا النورين، وأنه من السابقين الأولين، وهو أول المهاجرين وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضي، وأحد الصحابة الذين جمعوا القرآن الكريم، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعين حديثا، وأمه هي السيدة أروى بنت كريز بن ربيعة كانت عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبذلك نال فضل القربة إلى رسول الله كما نال فضل الصهر والصحبة، وتقول السيده عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، مضطجعا في بيته كاشفا عن ساقيه.

فاستأذن أبو بكر فأذن له، فدخل وهو على تلك الحالة فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فقالت عائشة يا رسول الله، دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا أستحى من رجل تستحى منه الملائكه ” وفي يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة خمسه وثلاثين من الهجرة يصبح عثمان بن عفان رضي الله عنه صائما، ويحاول الصحابة رضي الله عنهم إيصال الماء إليه، لكنهم لا يستطيعون، ويأتي وقت المغرب دون أن يجد رضي الله عنه شيئا يفطر عليه لا هو، ولا أهل بيته، ويكمل بقية الليل دون أن يفطر.

وفي وقت السحر استطاعت زوجته السيدة نائلة بنت الفرافصة أن تحصل على بعض الماء من البيت المجاور خفية، ولما أعطته الماء، وقالت له أفطر، نظر رضي الله عنه من النافذة، فوجد الفجر قد لاح، فقال إني نذرت أن أصبح صائما، فقالت السيدة نائلة ومن أين أكلت ولم أري أحدا أتاك بطعام ولا شراب؟ فقال رضي الله عنه إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع عليّ من هذا السقف، ومعه دلو من ماء، فقال اشرب يا عثمان، فشربت حتى رويت، ثم قال ازدد، فشربت حتى نهلت، ثم قال صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه أما إن القوم سينكرون عليك، فإن قاتلتهم ظفرت، وإن تركتهم أفطرت عندنا، فاختار رضي الله عنه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشوقه إليه، وليقينه بأنه سوف يلقى الله شهيدا.

ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له من قبل، وفي صباح يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة خمسه وثلاثين من الهجره، يدخل كثير بن الصلت أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول له يا أمير المؤمنين، اخرج فاجلس في الفناء، أي فناء البيت، فيرى الناس وجهك، فإنك إن فعلت ارتدعوا، وذلك لهيبته رضي الله عنه، فقد كان عمره رضي الله عنه أكثر من اثنين وثمانين سنة، فقال عثمان رضي الله عنه يا كثير رأيت البارحة، وكأني دخلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو بكر، وعمر فقال ارجع، فإنك مفطر عندي غدا، ثم قال عثمان رضي الله عنه ولن تغيب الشمس هذا اليوم، والله إلا وأنا من أهل الآخرة، وخرج كثير بن الصلت رضي الله عنه بأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وأمر عثمان رضي الله عنه بالسراويل أن تعدّ له، لكي يلبسها، وكان من عادته رضي الله عنه ألا يلبسها في جاهلية، ولا إسلام، وقد لبسها رضي الله عنه، لأنه خشي إن قتل أن يتكشف، وهو رضي الله عنه شديد الحياء، فلبس السراويل، ووضع المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ في كتاب الله، ودخل عليه أبناء الصحابة للمرة الأخيرة، وطلبوا منه أن يسمح لهم بالدفاع عنه، فأقسم عثمان رضي الله عنه على كل من له عليه حق أن يكف يده، وأن ينطلق إلى منزله، ثم قال لغلمانه من أغمد سيفه، فهو حر، فأعتق بذلك غلمانه، وقال رضي الله عنه أنه يريد أن يأخذ موقف ابن آدم الذي قال “لئن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين” فكان آخر الناس خروجا من عند عثمان رضي الله عنه هو الحسن بن علي رضي الله عنهما.