أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

موقف الشرع من طلاق فاقد العقل ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن موقف الشرع من طلاق فاقد العقل ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

موقف الشرع من طلاق فاقد العقل ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثانى مع موقف الشرع من طلاق فاقد العقل، وقد أجمع الفقهاء على عدم وقوع طلاق من سَكر من غير تعدى منه، ومثال ذلك هو من سكر بطريقة مباحة، كالتخدير، أو من أجبِر على السُكر، السُكر بتعدى، أي أن السُكر وقع باختيار الشخص، وقد اختلف العلماء في حُكم طلاقه، ويتلخص خلافهم في ثلاثة أقوال، وهي القول الأول أنه قال الحنفية والشافعية بوقوع طلاق السكران، إذ إن أهليته باقية، بدليل مخاطبة الله تعالى له قائلا ” يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلباة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ” وأما عن القول الثاني، فقد قال المالكية بوقوع طلاق السكران إن كان سُكره بمحرم، ويُؤاخذ على الجنايات، والعتق، والطلاق، ولا يُؤاخذ على الإقرارات.

والعقود، كالبيع، والإجارة، والهبة، والصدقة، وأما القول الثالث، فقد قال الحنابلة بعدم وقوع طلاق السكران وغيره من التصرفات، وقد استدلوا بأن السكران فاقد للإرادة كالمُكره، ولأن العقل شرط للتكليف، وانتفى وجوده بالسُكر، وكذلك طلاق الغضبان لا بد من معرفة درجة الغضب التي وصل إليها الزوج عند طلاقه لزوجته، وإن لبيان حكم طلاق الغضبان، إذ قسم العلماء درجات الغضب إلى ثلاث مراتب، فالمرتبة الأولى وهو الغضب الخفيف الذي لا يؤثر في عقل الإنسان، بل يبقى مُدركا لما يقول ويقصد، وقد اتفق الفقهاء على أن طلاقه يقع، وتنفذ عباراته، وأما المرتبة الثانية، وهى الغضب الشديد جدا، والذي يؤثر في عقل الإنسان، ويجعله غير مُدرك لما يقول.

فيصبح كالمجنون، وفي هذه الحالة لا يقع طلاقه، وأما عن المرتبة الثالثة وهو أن يكون الغضب مرتبة وسطا بين المرتبتين السابقتين وذلك بأن يشتد غضبه ويخرج عن عادته، ولكنه لا يكون كالمجنون الذي لا يدرك ما يقول ولا يقصده، وقد اختلف الفقهاء في وقوع طلاقه، وذهبوا إلى قولين، فالقول الأول قال الجمهور من الشافعية، والمالكية، والحنابلة بوقوع طلاقه، وأما عن القول الثاني، فقد قال الحنفية بعدم وقوع طلاق الغضبان إن خرج به الغضب عن عادته، ويقع إن كان الغضبان يُميز ما يصدر منه، وأما عن طلاق المجنون فقد اتفق الفقهاء على أن طلاق المجنون لا يقع إلا إن شُفي من الجنون وأصبح عاقلا، وقد استدلوا على ذلك.

بما بقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال ” رفع القلم عن ثلاث، عن المجنون على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم ” وكذلك قول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عندما قال “كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه” وإن الزواج قد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، واللام هنا هى لام الأمر في قوله، فليتزوج، ولا بد من الانصياع لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إذا استطاع الإنسان الباءة، وملك ما يقدر عليه من تحقيق النكاح ماليا، وجسديا، ودينياً قبل ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم.

آمرا ” تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ” وقد ورد النبي صلى الله عليه وسلم، على رجل قال أنا أعتزل النساء فلا أتزوج فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ” وإن عقد النكاح عقد خطير رتبت الشريعة لعقده وفسخه أحكاما معلومة، وحدودا معروفة، لكثرة ما ينبني عليه من أحكام الله من الأمور المتعددة كالنسب، والإرث، والمحرمية، والنفقات، وغيرها، فاعتنت الشريعة بعقد النكاح اعتناء عظيما، فمن شروطه أنه لا بد أن يكون بولي بالغ، عاقل، يعرف الكفء من الناس، ومصالح النكاح، لقول النبي النبي صلى الله عليه وسلم ” لا نكاح إلا بولي “